أمراض الغدة النكفية وأسبابها

أمراض الغدة النكفية: أسبابها، أعراضها، تشخيصها وعلاجها

تعتبر الغدة النكفية من الغدد المهمة في الجسم البشري، إذ تلعب دورًا أساسيًا في إفراز اللعاب الذي يساعد على هضم الطعام ومروره عبر الفم بشكل سهل. وتقع الغدة النكفية في منطقة أسفل الأذن، وهي واحدة من الغدد اللعابية الكبيرة، وتقوم بإفراز السائل اللعابي الذي يحتوي على العديد من الإنزيمات الهاضمة. لكن كما هو الحال مع العديد من الغدد الأخرى في الجسم، قد تصاب الغدة النكفية بعدد من الأمراض التي تؤثر على وظائفها، بعضها يمكن أن يكون خفيفًا ولا يتطلب علاجًا كبيرًا، بينما يمكن أن تكون بعض الأمراض خطيرة وتتطلب تدخلاً طبيًا.

1. أهمية الغدة النكفية وأدوارها

تُعتبر الغدة النكفية أكبر الغدد اللعابية في الجسم البشري، حيث توجد غدتان نكفيتان، واحدة على كل جانب من الفك السفلي. يقع الجزء العميق من الغدة في التجويف الذي يقع أسفل الأذن، بينما يمتد الجزء الخارجي على جانبي الفم. يتمثل الدور الأساسي للغدة النكفية في إفراز اللعاب الذي يحتوي على إنزيم الأميليز، الذي يساعد على بدء عملية هضم الكربوهيدرات في الفم. اللعاب يساهم أيضًا في ترطيب الفم، ويساعد في التحدث والمضغ، بالإضافة إلى أنه يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا تساهم في الحفاظ على صحة الفم.

2. أمراض الغدة النكفية الشائعة

2.1. التهاب الغدة النكفية (النكاف)

يعد التهاب الغدة النكفية أو النكاف من أبرز الأمراض التي قد تصيب الغدة النكفية. وهو مرض فيروسي شديد العدوى، يسببه فيروس النكاف (Mumps virus) وينتقل عبر اللعاب أو المخاط من شخص مصاب إلى آخر. يتمثل العرض الرئيسي للنكاف في تورم مؤلم في الغدة النكفية، وعادة ما يحدث ذلك على جانب واحد أو في بعض الحالات على الجانبين.

أعراض النكاف:

• تورم مؤلم في الغدة النكفية

• حمى خفيفة إلى متوسطة

• صداع

• آلام في العضلات

• تعب عام

• صعوبة في البلع أو مضغ الطعام

النكاف كان في السابق من الأمراض الشائعة في مرحلة الطفولة، ولكن مع تطور التطعيمات مثل تطعيم “اللقاح الثلاثي” (MMR) الذي يشمل الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، أصبح المرض أقل شيوعًا. على الرغم من ذلك، قد تصاب بعض الفئات به خاصة في المناطق التي لا يتوفر فيها التطعيم بشكل كاف.

المضاعفات المحتملة:
في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الإصابة بالنكاف إلى مضاعفات خطيرة، مثل التهاب الخصيتين (التهاب الخصية) في الذكور، والتهاب المبيض في الإناث، وقد تصل المضاعفات إلى التسبب في العقم في بعض الحالات النادرة.

2.2. التهاب الغدة النكفية البكتيري (التهاب الغدة النكفية القيحي)

الالتهاب البكتيري للغدة النكفية يعد أقل شيوعًا من النكاف الفيروسي، لكن يمكن أن يحدث نتيجةً للإصابة بعدوى بكتيرية. يحدث التهاب الغدة النكفية البكتيري عندما تصل البكتيريا إلى الغدة النكفية عبر القنوات اللعابية. غالبًا ما تحدث هذه العدوى بعد فترة من جفاف الفم أو انسداد القنوات اللعابية، مما يسبب في النهاية الإصابة بالتهاب.

أعراض الالتهاب البكتيري:

• تورم مؤلم في الغدة النكفية

• حمى مرتفعة

• احمرار في منطقة الغدة

• إفرازات صديدية من فم الشخص أو قنوات اللعاب

• ألم أثناء المضغ أو البلع

يُعالج هذا النوع من الالتهاب بالبكتيريا بالمضادات الحيوية، وعادةً ما يستجيب المرضى للعلاج بشكل جيد إذا تم التدخل الطبي بسرعة.

2.3. انسداد قنوات الغدة النكفية (الحصوات اللعابية)

من المشاكل الأخرى التي قد تواجه الغدة النكفية هي انسداد القنوات اللعابية بسبب تكون الحصوات اللعابية. تكون هذه الحصوات عبارة عن تكتلات من المعادن التي تتجمع في قنوات الغدة وتمنع تدفق اللعاب بشكل طبيعي. يُمكن أن يؤدي هذا إلى تورم الغدة وألم أثناء تناول الطعام أو الشراب.

أعراض انسداد القنوات:

• تورم مؤلم في الغدة النكفية

• ألم يزداد أثناء تناول الطعام (عند إفراز اللعاب)

• جفاف الفم أو صعوبة في البلع

• الشعور بوجود جسم غريب في الفم

غالبًا ما يمكن علاج هذه الحالة عن طريق تدليك المنطقة المصابة أو شرب الكثير من السوائل لزيادة إفراز اللعاب، ولكن في بعض الحالات قد تحتاج إلى التدخل الجراحي لإزالة الحصوة.

2.4. الأورام في الغدة النكفية

على الرغم من أن الأورام في الغدة النكفية تعتبر نادرة، إلا أن حدوثها لا يُستبعد تمامًا. يمكن أن تكون هذه الأورام حميدة أو خبيثة، وتسبب عادةً تورمًا غير مؤلم في المنطقة.

أعراض الأورام في الغدة النكفية:

• تورم مستمر في الغدة دون ألم

• شعور بضغط في الفم أو الحلق

• صعوبة في البلع أو الكلام في الحالات المتقدمة

عادةً ما يحتاج الأطباء إلى فحوصات إضافية مثل الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتشخيص الأورام بشكل دقيق. في حالة الأورام الحميدة، يتم اللجوء إلى الجراحة لإزالة الكتلة. أما إذا كانت الأورام خبيثة، فقد يتطلب الأمر علاجًا مكثفًا يشمل الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي.

2.5. التهاب الغدة النكفية المزمن

في بعض الحالات، قد يعاني الشخص من التهاب مزمن في الغدة النكفية، حيث تستمر الأعراض مثل التورم والألم لفترات طويلة. يمكن أن يكون هذا الالتهاب ناتجًا عن عدوى متكررة، أو نتيجة انسداد دائم في القنوات اللعابية.

أعراض التهاب الغدة النكفية المزمن:

• تورم مستمر أو متكرر في الغدة النكفية

• ألم يزداد مع تناول الطعام أو الشراب

• جفاف في الفم أو تغير في مذاق اللعاب

• صعوبة في البلع أو التحدث

يحتاج العلاج في مثل هذه الحالات إلى العناية الطبية المستمرة وقد يتضمن أدوية مضادة للبكتيريا، إضافة إلى العلاج الجراحي في بعض الحالات.

3. تشخيص أمراض الغدة النكفية

تشخيص أمراض الغدة النكفية يعتمد على التاريخ الطبي للمريض والفحص السريري. قد يقوم الطبيب بالعديد من الفحوصات للوصول إلى التشخيص الصحيح، ومنها:

• الفحص السريري: يتم من خلاله فحص منطقة الغدة النكفية وتقييم التورم والألم.

• اختبارات الدم: قد تكشف عن وجود عدوى فيروسية أو بكتيرية.

• الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي (MRI): لتصوير الغدة وتحليل حجم التورم أو تحديد الأورام.

• التصوير بالأشعة فوق الصوتية (Ultrasound): يستخدم لتحديد ما إذا كانت هناك حصوات في الغدة.

4. علاج أمراض الغدة النكفية

يختلف علاج أمراض الغدة النكفية حسب نوع المرض. إليك بعض العلاجات الممكنة:

• العلاج الدوائي: في حالات التهاب الغدة النكفية البكتيري، يتم استخدام المضادات الحيوية. أما في الحالات الفيروسية مثل النكاف، فالعلاج عادة ما يكون داعمًا ويتضمن الراحة وشرب السوائل.

• العلاج الجراحي: قد يتطلب بعض الحالات، مثل الأورام أو انسداد القنوات اللعابية، تدخلًا جراحيًا لإزالة الكتلة أو الحصوة.

• العلاج بالحرارة: في حالة الحصوات اللعابية، قد يتم استخدام الحرارة الموضعية لتسهيل تفريغ اللعاب وفتح القنوات.

5. الوقاية من أمراض الغدة النكفية

• التطعيمات: تطعيم MMR (الذي يشمل الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية) هو أحد أساليب الوقاية الفعالة ضد النكاف.

• الاهتمام بصحة الفم: الحفاظ على نظافة الفم وتجنب جفاف الفم قد يساعد في منع انسداد الغدد اللعابية.

• الراحة والترطيب: الراحة وشرب السوائل الكافية يمكن أن يساعد في تقليل الألم والتورم الناجم عن التهاب الغدة النكفية.

الخاتمة

أمراض الغدة النكفية تتنوع بين البسيطة مثل النكاف الفيروسي إلى الحالات الأكثر تعقيدًا مثل الأورام أو الالتهابات المزمنة. من المهم التعرف المبكر على أعراض هذه الأمراض وطلب الاستشارة الطبية في الوقت المناسب.